روى فى الأثر أن الله تعالى أنزل فى صحف
إبراهيم عليه السلام :
( رسالــــــــــة قال فيها : )
(( من العزيز الحميد إلى من أبق من العبيد ، سلام عليكم ، هذه رسالتى إليكم بما أختصكم به من نور العلم ، وذكاء الفهم ، فأول ذلك أنى أخرجتكم من العدم إلى الوجود ، واخترعت لكم الجود ، وأنشأت لكم الأبصار فأبصرتم ، والأسماع فسمعتم ، والألسنة فنطقتم ، والقلوب فعلمتم ، والعقول ففهمتم ، وأشهدتكم على أنفسكم لى بالوحدانية فشهدتم ، وعند الإقبال أدبرتم ، وبعد الإقرار أنكرتم ، ونقضتم عهودنا وغيرتم ، فلا يوحشنكم ذلك منا ، فإن عدتـم عدنا ، وزدنا فى الكرم وجدنا ، فمن عثر أقلنا ، ومن قطع وصلنا ، ومن تاب قبلنا ، ومن نسى ذكرنا ، ومن عمل قليلا شكرنا ، نعطى ونمنع ، ونجود ونسمح ، ونعفو ونصفح ، كرمنا مبذول وسترنا مسبول .
عبدى انظر إلى السماء وارتفاعها ، والشمس وإشعاعها ، والأرض وأقطارها ، والأمواج وبحارها ، والفصول وأزمانها ، والأوقات وإتيانها ، وماهو ظاهر وكامن ، ومتحرك وساكن ، ومستيقظ وراكع وساجد ، وماغاب وماحضر ، وما خفى وماظهر، الكل يشهد بجلالى ، ويقر بكمالى ، ويعلن بذكرى ، ولا يغفل عن شكرى .
عبدى أذكرك وتنسانى ، وأسترك ولا ترعانى ، لو أمرت الأرض لابتلعتك من حينها ، أوالبحار لغرّقتك فى معينها ، ولكن أحميك بقدرتي وأمدك بقوتى وأؤخرك إلى أجل أجلته ، ووقت وقته ، فلا بد لك من الورود علىّ ، والوقوف بين يدىّ ، أعدد عليك أعمالك ، وأذكر أفعالك ، حتى إذا أيقنت بالبوار، وقلت : لا محالة أنك من أهل النار ، أوليتك غفرانى ، ومنحتك رضوانى ، وغفرت لك الذنوب والأوزار ، وقلت : لا تحزن فمن أجلك سميت نفسى الغفار )) .
وذلك قوله جل شأنه فى كتابه الذى جاء بالفرقان والنور المبين:
(( يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَك ))
مع تحيات الشيخ محمود حسين
|