الحمد لله ولى من كان تقيا
وأصلى وأسلم على نبيه محمدمن قربه ربه نجيا وكان به حفيا
وعلى أله وصحابته الذين رضي الله عنهم فكان كل منهم راضيا مرضيا
سبحان ربى لا اله سواه كل الخلائق يبتغون رضاه
لا إله إلا هو سبحانه
خص نفسه بالدوام وحكم على من سواه بالانصرام فقال:{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ }
وجعل الموت حال أهل الكفر والإسلام فقال : {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}
وفصل بعلمه بين تفاصيل الأحكام فجعل حكم الآخرة خلفا للمعهود من الأيام وقضى بأنه { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
فسبحان من انفرد بالقهر والاستيلاء واستأثر باستحقاق البقاء وأذل أصناف الخلق بما كتب عليهم من الفناء ، ثم جعل الموت مخلصا للأتقياء وموعدا فى حقهم للقاء
أخوة الإيمان والإسلام ليس للإنسان مهرب ولا منجى من الموت فهو مصير كل المخلوقات وصدق رب العزة إذ قال :
{ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ }
وقال كذلك : { قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ }
وقال مخاطبا نبيه الكريم فقال : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }
صلوات ربى وسلامه علي رسوله الكريم الذي خير فاختار الرفيق الأعلى
ولم تفتنه الحياة الدنيا
فكفى بالموت واعظا فهو لا يقرع بابا ولا يهاب حجابا ولا يقبل بديلا ولا يأخذ كفيلا ولا يرحم صغيرا ولا يوقر كبيرا ، فكم من مصبح في أهله معافا الخير منه مأمولا أمسى في لحده مضرجا محمولا .
فالموت هو الحقيقة التى لاخلاف عليها فالموت معقود بنواصي العباد ، فهيئ لنفسك قبل الموت زاد ، قالالإمامِ علىِ كرم الله وجهَهُ ورضي عنه وأرضاه وهو يخطب في الناس من فوق منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( يا عباد الله الموت الموت ليس منه فوت ، إن أقمتم له أخذكم ،
وإن فررتم منـه أدرككم ، الموت معقود بنواصيكم
فالنجاة النجاة فإن وراءَكم طالباً حثيثاً وهو القبـر ))
يَا نَفْسِ قَدْ أَزِفَ الرَحِيـــلُ وأظَلَكِ الخَطْبُ الجَلِيـــــــلُ
فَتَأَهَبِى يَا نَفْسِ لا يَلْعَبْ بِكِ الأمَلُ الطَويـِــــــلُ
فَلَتَنْزِلِــــنْ َبِمَنْزِلٍ يَنْسَى الخَلِيلَ فِيهِ الخَلِيــــــــلُ
وليَركَبَنَّ عَلَيْـكِ فَيــــهِ مِنَ الثَرَى ثِقَلٍ ثَقِيـــــلُ
قُرِنَ الفَنَاءُ بِنَا جَمِيعاً فَلا يَبْقَى العَزِيزُ ولا الذَلِيلُ
أَجَلْ لا يَبْقَى العَزِيزُ ولا الذَلِيــلُ فَالْكُلِ فانٍ وَيَبْقَى الوَاحِدُ المَعْبُـود
هَكَذَا قَالَ الإلهُ الأمجدُ فالْخُلْـدُ للهِ الوَاحَـدِ القَهَّار وَلَيْسَ لِلْخََلِْقِ خُلُود
أخوة الإيمان والإسلام ... إذا حلت بابن آدم السكرات، أخذ من فراشه إلى لوح مغتسله فغسله الغاسل ، وألبسه الأكفان وأوحش منه الأهل والجيران، وبكى عليه الأصحاب والأخوان، فما ينفع البكاء وما ينفع العويل وما ينفع إلا ما قدم من صالح الأعمال.
فلا يستطيع إنسان مهما أوتى ومهما كان أن يبدل مما كان أو يغير مما قد تقدر فإذا كان هذا هو الأمر أفلا يرضى الإنسان بكل ما يقع إذ هو قضاء الله الذي لا دفع له وأمره الذي لا مرد له قال جل وعلا :
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ
وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }
أخوة الإيمان والإسلام ... لا يسعنا ونحن في هذا المقام سوى أن نسأل الله العلى القدير أن يتغمد ميتنا برحمته ويؤنس في القبر وحشته ويوسع له فيه ويجعله روضة من رياض الجنة وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم آله الصبر ، فهو سبحانه ولى ذلك والقادر عليه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
راجى عفو الودود
الشيخ / محمود