mahmoudhussin
  الحديث عن النار 2
 
 
 
الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمه
الحمد لله الذى جعل جهنم للكافرين ماكثين فيها أبدا فكانت لهم رصدا ونقمة
وجعل الجنة للمتقين خالدين فيها أبدا وزادهم فيها مهابة ورفعة
فنحمدك اللهم حمد الشاكرين أن جعلتنا من أمة حبيبك محمد
صلى الله عليه وسلم
ونسألك اللهم أن تحشرنا معه فى الفردوس الأعلى فأنعم بها خير صحبة
 
     تلك هى الحلقة السابعة عشر من لقاءات السلسلة المباركة فى رحاب الدار الآخرة، ونستكمل فيها ما بدأناه من الحديث عن عن النار ، فإن جهنم لها سبعة أبواب  وأبوابها السبعة الباب الأول منها : يسمى جهنم لأنه يتجهم في وجوه الرجال والنساء فيأكل لحومهم وهو أهون عذابا من غيره .
والباب الثاني : يقال له لظى نزاعة للشوى قال جل وعلا :{ كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى }المعارج15ـ16، أكله اليدان والرجلان ، تدعو من أدبر عن التوحيد ، وتولى عما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .
والباب الثالث : يقال له سقر توعد الله به من كفر فقال : {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ }المدثر26، وإنما سميَ سقر لأنه يأكل اللحم دون العظم .
والباب الرابع : يقال لها الحطمة ، قال تعالى : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ } الهمزة5ـ 6 تحطم العظام وتحرق الأفئدة .
الباب الخامس : يقال له الجحيم تعالى : {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ }الشعراء91 ، وإنما سمي جحيما لأنه عظيم الجمرة ، الجمرة الواحدة أعظم من الدنيا .
والباب السادس : يقال له السعير لقوله تعالى : { فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ }الملك11 وإنما سمي السعير لأنه يسعر بهم ولم يُطْفَ منذ خلق .
والباب السابع : يقال لها الهاوية أعدت للكافر قال تعالى { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ }القارعة9 ـ11، من وقع فيه لم يخرج منه أبدا ، فيه بئر يسمى الهبهاب قال تعالى: { مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }الإسراء97 إذا فتح الهبهاب يخرج منه نار تستعيذ منها النار.
أما عن خزنتها فقد أخبر عنهم جـل وعـلا فى وصفه لجهنم فقـال: { لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }المدثر29ـ30
 
يقول جل وعلا :  {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ }ق30
النار ذاتها تنادى وتقول هل من مزيد ؟ روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة قدمه فيها فينزوى بعضها إلى بعض وتقول قط  قط وعزتك وكرمك ، ولا يزال
 
 
 
 
فى الجنة فضل حتى ينشئ الله خلقا آخر فيسكنهم الله تعالى فضول الجنة )) .
     
وروى البخاري عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تحاجت النار والجنة. فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين. وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعجزهم. فقال الله للجنة: أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء من عبادي. وقال للنار: أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي. ولكل واحدة منكم ملؤها. فأما النار فلا تمتلئ. فيضع قدمه عليها. فتقول: قط قط. فهنالك تمتلئ. ويزوي بعضها إلى بعض، لايظلم الله عز وجل من خلقه أحدا، وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقا آخر ))
 
أحبائي في الله  ...
     إن الحديث عن النار وعذابها لتقشعر منه الأبدان ولا تكف عن الدمع منه   عينان ولا يغلق منه جفنان فاجعلوا آذانكم صاغية وعقولكم واعية فان جهنم أعدت للكافرين والعصاة وليس بعدها داهية ، فنسأل الله منها العفو والعافية ، واتقوا الله عباد الله واعلموا أن الدنيا تجرى في فنائها وتعاديها وأن الظفر والفلاح لمن يعاديها ، إن جبريل عليه السلام وهو الروح الأمين ومن الملائكـة
المقربين قد بكى بكاءا شديدا خوفا من عذاب جهنم وأبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هبط من السماء بوصف جهنم فقد روى الطبراني في الأوسط أن جبريل عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه وسلم فى غير حينه الذى كان يأتيه فيه فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ياجبريل :
(( مالي أراك متغير اللون ؟ فقال : ماجئتك حتى أمر الله تعالى بمنافح النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ياجبريل صف لي النار أو انعت جهنم فقال جبريل : إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف عام حتى احمرت ثم أمر فأوقد عليها ألـف عـام حتى اسودت فهي سـوداء مظلمة لايضئ شررها ولا يطفأ لهبها والذي بعثك بالحق نبيا لو أن قدر ثقب إبرة فتح من جهنم لمات من فى الأرض كلهم جميعا ، والذي بعثك بالحق لو أن خازنا من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا لمات من فى الأرض كلهم جميعا من قبح وجهه ونتن ريحه ، والذي بعثك بالحق لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله فى كتابه وضعت على جبال الدنيا لأرقضت وماتقارت ـ اى تهاوت وماتماسكت ـ حتى تنتهي إلى الأرض السفلى . فقال رسول الله صلى الله عليــه وسلم حسبى ياجبريل لاينصدع قلبي فأموت . قال : فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكى فقال تبكى ياجبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت به فقال : مالىَ لاأبكى وأنا أحق بالبكـــــاء
 
 
لعلى أكون فى علم الله علىغير الحالة التى أنا عليها وماأدرى لعلى أبتلىَ بما ابتلىَ به إبليس فقد كان من الملائكة وماأدرى لعلى ابتلى بما ابتلى به هاروت وماروت قال : فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل فمازالا يبكيان حتى نودى أن ياجبريل ويامحمد إن الله تعالى قد آمنكما أن تعصياه فارتفع جبريل وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بقوم من الأنصار يضحكون ويلعبون ، فقال: أتضحكون ووراءكم جهنم فلو تعلمون ماأعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولما استثغتم الطعام والشراب ولخرجتم إلى الصعدات ـ اى الخلاء ـ تجأرون إلى الله عز وجل ، فنودى يامحمد لاتقنط عبادى إنما بعثتك مبشرا لم أبعثك معسرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سددوا وقاربواـ اى قولوا قولا سديدا وتقربوا إلى الجنة ـ)).   
أحبتى فى الله...
       والله إن الأمر جد خطير فتقربوا لربكم بصالح الأعمال مادمتم فى متسع من الفسحة والإمهال ولا تركنوا للتكاسل عن التواصي بالبر والخير والإعراض عن التناهي عن المنكر والضير أو التوازع عن الدعوة والهداية أو العزلة واليأس والقنوط والإحباط ، إنكم أيها المؤمنون مكلفون فى كل زمان وحال بطاعة رب الأرض والسماوات والعمل بما أنزل فى كتابه وما استنه رسوله وحبيبه ، فسألوا الله أن يوقظنا من الغفلة وأن يتداركنا بالإنابة وبالتوبة مادمنا فى زمن المهلة إنه جواد كريم .
   
     لقد جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمفى ساعة ماكان يأتيه فيهاليصف وصفا دقيقا لجهنم وداخليها ، روى يزيد الرقاشى من حديث أنس بن مالك رضى الله عنهم أجمعين حديثا طويلا  ووالله إنه لحديث تقشعر منه الأبدان وتشيب له الولدان  قال أنس :
(( جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فى ساعة ماكان يأتيه فيها متغير اللون فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مالي أراك متغير اللــون ؟ فقال :يا محمد جئتك الساعة التى أمر الله بمنافح النار أن تنفخ فيها ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق وأن النار حق وأن عذاب القبـر حـق وأن عذاب الله أكبر أن تقر عينه حتى يأمنها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل : صف لي جهنم ؟ فقال جبريل : نعم ، إن الله تعالى لما خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فاحمرت ثم أوقد عليها ألف سنة فابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة فاسودت فهي سوداء مظلمة لا ينطفئ لهبها ولا جمرها ، والذي بعثك بالحق لو أن مثل خرم إبرة فتح منها لاحترق أهل الدنيا عن أخرهم من حرها ، والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من أثواب أهل النار علق بين السماء والأرض لمات جميع أهل الأرض من نتنها وحرها عن أخرهم لما يجدون من حرها ، والذي بعثك بالحق نبيا لو أن ذراعا من السلسلة التى ذكــرها الله تعالى فى كتابه وضـــــع
 
 
على جبل لذاب حتى يبلغ الأرض السابعة ، والذي بعثك بالحق نبيا لو أن رجلا بالمغرب يعذب لاحترق الذى بالمشرق من شدة عذابها ، فحرها شديد وقعرها بعيد وحليها حديد وشرابها الحميم والصديد وثيابها مقطعات النيران ،{ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ }الحجر44 فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أهي كأبوابنا هذه ؟ فقال : لا  ولكنها مفتوحة بعضها أسفل من بعض من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة كل باب منها أشد حرا من الذى يليه سبعين ضعفا ، يساق أعداء الله إليها فإذا انتهوا إلى بابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال والسلاسل فتسلك السلسلة فى فمه وتخرج من دبره ، وتغل يده اليسرى إلى عنقه ودخل يده اليمنى فى فؤاده وتنزع من بين كتفيه وتشد بالسلاسل ، ويقرن كل آدمي مع شيطان فى سلسلة ويسحب على وجهه وتضربه الملائكة بمقامع من حديد { كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا }الحج22 .
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من سكان هذه الأبواب ؟ قال جبريل : أما الباب الأسفل ففيه المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون واسمها الهاوية ، والباب الثاني فيه المشركون واسمه الجحيم ، والباب الثالث فيه الصابئـــــــــون 
واسمه سقر ، والباب الرابع فيه إبليس ومن تبعه والمجوس واسمه لظى ، والباب الخامس فيه اليهود واسمه الحطمة ، والباب السادس فيه النصارى واسمه السعير ، ثم أمسك جبريل حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عليه الصلاة والسلام : ألا تخبرني من سكان الباب السابع ؟ فقال جبريل : فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا ولم يتوبوا ، فخر النبي صلى الله عليه وسلم مغشيا عليه ، فوضع جبريل رأسه على حجره حتى أفاق . فلما أفاق قال : يا جبريل عظمت مصيبتي واشتد حزني أو يدخل أحد من أمتي النار ؟ قال نعم أهل الكبائر من أمتك ، ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل ، ودخل رسول الله صلـى الله عليـه وسلم بيته واحتجب عن الناس ، فكان لا يخرج إلا للصلاة يصلى ويدخل ولا يكلم أحدا ، ويأخذ فى الصلاة ويبكى ويتضــرع إلى الله تعالى ، فلما كان اليوم الثالث أقبل أبو بكر رضى الله عنه حتى وقف بالباب وقال السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة هل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبيل ؟ فلم يجبه أحد فتنحى باكيا ، فأقبل عمر رضى الله عنه فوقف بالباب وقال : السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة هل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبيل ؟ فلم يجبه أحد فتنحى وهو يبكى ، فأقبل سالمان الفارسي حتى وقف بالباب وقال : السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة هل إلى مولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبيل ؟ فلم يجبه أحد فأقبل يبكى
مرة ويقع مرة ويقوم أخرى حتى أتى بيت فاطمة ووقف بالباب
 
 
ثم قال : السلام عليك يابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان على رضى الله تعالى عنه غائبا فقال : يابنة رسول الله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قـد احتجب عن الناس فليس يخرج إلا إلى الصلاة فلا يكلم أحدا ولا يأذن لأحد فى الدخول عليه ، فاشتملت فاطمة بعباءة قطوانية وأقبلت حتى وقفت على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سلمت وقالت : يا رسول الله أنا فاطمة ، ورسول الله ساجد يبكى فرفع رأسه وقال : ما بال قرة عيني فاطمة حجبت عنى افتحوا لها الباب ... ففتح لها الباب فدخلت فلما نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكت بكاء شديدا لما رأت من حاله مصفرا متغيرا قد ذاب لحم وجهـه من البكاء والحزن ، فقالت : يا رسول الله ماالذى نزل عليك ؟ فقال يا فاطمة جاءني جبريل ووصف لي أبواب جهنم وأخبرني أن فى أعلى بابها أهل الكبائر من أمتى فذلك الذى أبكاني وأحزنني ، قالت : يا رسول الله كيف يدخلونها ؟ قال : بلى تسوقهم الملائكة إلى النار ولا تسود وجوههم ولا تزرق أعينهم ولا يختم على أفواههم ولا يقرنون مع الشياطين ولا يوضع عليهم السلاسل والأغلال ، قالت : يا رسول الله وكيف تقودهم الملائكة ؟ فقال : أما الرجال
فباللحى وأما النساء فبالذوائب والنواصي ، فكم من ذي شيبة من أمتى يقبض على لحيته ويقاد إلى النار وهو ينادى واشيبتاه واضعفاه ، وكم من شاب قد قبض على لحيته يساق إلي النار وهو ينادى واشباباه واحسن صورتاه ، وكم من امرأة من أمتي قد قبض على ناصيتها تقاد إلى النار وهى تنادى وافضيحتاه واهتك ستراه ، حتى ينتهى بهم إلى مالك فإذا نظر إليهم مالك قال للملائكة : من هؤلاء ؟ فما ورد من الأشقياء أعجب شأنا من هؤلاء لم تسود وجوههم ولم ترزق أعينهم ولم يختم على أفواههم ولم يقرنوا مع الشياطين ولم توضع السلاسل والأغلال فى أعناقهم ، فتقول الملائكة هكذا أمرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة ، فيقول لهم مالك يا معشر الأشقياء من أنتم ؟ فيقولون نحن ممن انزل علينا القرآن ونحن ممن يصـوم رمضان ، فيقول مالك ما نزل القرآن إلا على أمة محمــد صلى اللهعليه وسلم فإذا سمعوا اسم محمد صاحوا وقالوا نحن من أمة محمد صلـى الله عليه وسلم ، فيقول لهم مالك : أما كان لكم فى القرآن زاجر عن معاصى الله تعالى ؟ فإذا وقف بهم على شفير جهنم ونظروا إلى النار والى الزبانية قالوا يا مالك إإذن لنا فنبكى على أنفسنا ، فيأذن لهم فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع ، فيبكون الدم ، فيقول مالك ما أحسن هذا البكاء لوكان فى الدنيا ، فلو كان هذا البكاء فى الدنيا من خشية الله ما مستكم النار اليـوم ، ثم يقول مالك للزبانية : القوهم فى النار ، فإذا ألقوا فى النار نادوا بأجمعهم لا اله إلا الله فترجع النار عنهم ، فيقول مالك يا نار خذيهم ،
 
 
 
فتقول : كيف آخذهم وهم يقولون لا اله إلا الله ، فيقول مالك : نعم بذلك أمر رب العرش ، فتأخذهم فمنهم من تأخذه إلى قدميه ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه إلى حقويه ومنهم من تأخذه إلى حلقه ، فإذا هوت النار إلى وجهه قال مالك : لا تحرقى وجوههم فطالما سجدوا للرحمن فى الدنيا ولا تحرقى قلوبهم فطالما عطشوا فى شهر رمضان فيبقون ما شاء الله فيها ، يقولون يا أرحـم الراحمين ياحنان يا منان فإذا أنفذ الله تعالى حكمه قال : يا جبريل ما فعل العاصون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول اللهم أنت أعلم بهم ، فيقول انطلق فانظر ما حالهم فينطلق جبريل عليه الصلاة السلام إلى مالك وهو على منبر من نار فى وسط جهنم ، فإذا نظر مالك إلى جبريل عليه الصلاة والسلام قام تعظيما له فيقول : يا جبريل ما أدخلك هذا الموضع ؟ فيقول ما فعلت بالعصابة العاصية من أمة محمد ؟ فيقول مالك : ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم قد أحرقت أجسامهم وأكلت لحومهم وبقيت وجوههم وقلوبهم يتلألأ فيها الإيمان ، فيقول جبريل : ارفع الطبق عنهم حتى أنظر إليهم ، فيأمر مالك الخزنة فيرفعون الطبق عنهم ، فإذا نظروا إلى جبريل والى حسن خلقه علموا أنه ليس من ملائكة العذاب ، فيقولون من هذا العبد الذى لم نـر أحدا قط أحسن منه ؟ فيقول مالك : هذا جبر يل الكريم على ربه الذى كان يأتي محمدا صلى الله عليه وسلم بالوحي ، فإذا سمعوا ذكر اسم محمد صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم وقالوا : ياجبريل أقرئ محمدا صلى الله عليه وسلم منا السلام وأخبره أن معاصينا فرقت بيننا وبينك وأخبره بسوء حالنا ، فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي الله تعالى فيقول الله تعالى كيف رأيت العصاة من أمة محمد ؟ فيقول : يارب ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم ، فيقول : هل سألوك شيئا ؟ فيقـول :يارب نعم سألوني أن أقرئ نبيهم منهم السلام وأخبره بسوء حالهم ، فيقول الله تعالى : إنطلــق وأخبره ، فينطلق جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو فى خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلاف باب لكل بـاب مصراعان من ذهب ، فيقـول : يا محمد قد جئتك من عند العصابة العصاة الذين يعذبون من أمتك فى النـار وهم يقرئونك السلام ويقولون : ما أسوأ حالنا وأضيق مكاننا فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحت العرش فيخر ساجدا ويثنى على الله تعالى ثناءا لم يثن عليه أحد مثله : فيقول الله تعالى : ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع فيقول يارب الأشقياء من أمتى قد أنفذت فيهم حكمك وانتقمت منهم فشفعنى فيهم ، فيقول الله تعالى قد شفعتك فيهم فائت النار فأخرج منها من قال لا اله إلا الله ، فينطلق النبى صلى الله عليه وسلم ، فإذا نظر مالك النبى صلـى الله عليه وسلم قام تعظيما له فيقول : يا مالك ما حال أمتـى
 
 
 
الأشقياء ؟ فيقول ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم ، فيقول محمد صلى الله عليه وسلم افتح الباب وارفع الطبق فإذا نظر أهل النار إلى محمد صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم فيقولون : يا محمد أحرقت النار جلودنا وأحرقت أكبادنا ، فيخرجهم جميعا وقد صاروا فحما قد أكلتهم النار ، فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان فيغتسلون منه فيخرجون منه شبابا جردا مردا مكحلين وكأن وجوههم مثل القمر مكتوب على جباههم الجهنميون عتقاء الرحمن من النار فيدخلون الجنة ، فإذا رأى أهل النار أن المسلميـن قد أخرجوا منها قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من الناروذلك قوله جل وعلا :{ رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ }الحجر2
  
    ثم إن الجهنميين عتقاء الرحمن يطلبون من ربهم جل وعلا أن يمحو عنهم ذلك الاسم ، فيبعث الله ملكا فيمحوه عن جباههم
 
أيها الأحبة...   إن سالمان الفارسي ذلك الصحابي الجليل ، قال عنه ميمون بن مهران أن سالمان لما نزل قول الله تعالى فى :
{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ }الحجر 43 ( وضع يديه على رأسه وخرج هاربا ثلاثة أيام لايقدر عليه حتى جئ به ) ، هذا هو صحابى من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذى لقب بالباحث عن الحقيقة أفجعته حقيقة ماسيؤول عليه حال العصاة حين نزلت تلك الآية وحين سمع بحديث جهنم فهل لكم عباد الله فيه القدوة بأن نخشى الله ونخشى عقابه . 
 
أحبائي فى الله  ...
قال رب العزة جل وعلا البقرة 24 :
{فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }
قال السدى فى تفسيره عن ابن مسعود إن الحجارة هي حجارة فى النار من كبريت اسود يعذب به الكافرون مع النار أجارنا الله منها .
 
   وأخرج النسائي والترمذي وقال صحيح عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله
حتى يعود اللبن في الضرع ))
  
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ...
 
 
 
 
 
 
  Today, there have been 8694 visitorson this page!  
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free