mahmoudhussin
  1 ظهور المهدى المنتظر
 
الحمد لله فى البدء و الحمد فى المنتهى
والصلاة والسلام على رسوله الذى اصطفى
 
     ومع الحلقة التاسعة نستكمل الحديث عن ثالث العلامات الكبرى ، وكنا أحبائي في الله قد تحدثنا فى اللقاء السابق عن ثانى العلامات العظام وهى نزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء نزولا حقيقيا بروحه وجسده حكما عدلا ماكثا فى الأرض أربعين سنة ، ونستكمل الحديث عن خروج المهدى فقد أخرج الإمام أحمد والهيثمى عن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أبشركم بالمهدى يبعث على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرضَ قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا                    يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ))
 
       وقبل الاسترسال فى الحديث نوضح أمرا هاما وهو أن ظهور المهدى ليس أمرا كسبيا أى أنه ليس ظهورا باجتهاد من المهدى أو طلبا منه لذلك الأمر بل انه هو ذاته لا يعلم بذلك حتى يصلحه الله تعالى ويعده لذلك ويهئ له قوما ليس لهم عدد ولا عُدة ولا منعة فيبايعونه عند الكعبة وهو كاره لهذه البيعة ، روى أحمد وأبو داود عن أم سلمة وابن أبى شيبه ، والطبرانى فى الأوسط : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يكون اختلاف عند موت خليفةفيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكةفيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كارهفيبايعونه بين الركن والمقام ..))
 
     ومن علامات ظهوره ما رواه البخاري فى الصحيح أنه عند قال حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي: حدثنا عقبة بن خالد: حدثنا عبيد الله، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن جده حفص بن عاصم، عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً).
      قال به الحافظ بن حجر فى شرحه لهذا الحديث أن هذا سيكون عند ظهور المهدى .
وفى رواية أخرى في  باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب قال : حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا يعقوب ابن عبد الرحمن القاري عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قـال: (( لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب. يقتتل الناس عليه. فيقتل ، من كل مائة ، تسعة وتسعون . ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا الذي أنجو)) .
     
      ومن علامات ظهوره أنه سيظهر فى شهر المحرم ، وفى رمضان السابق على ظهوره تظهر آيات واضحات وأمور غريبة فى السماء ، وتنكسف الشمس والقمر ، فإن حدث هذا فى رمضان كان فى شوال معمعة ، وفى ذي القعدة تجاذب القبائل واختلاف البلدان الإسلامية وفى ذي الحجة سلب الحجيج واقتتال القبائل والشعوب الإسلامية فى موسم الحج حتى تسيل الدماء على جمرة العقبة بمنى أى فى أيام عيد الأضحى فإذا كان ذلك ظهر المهدى وبويع له فى الحرم يوم عاشوراء . وقد ذكر ذلك نعيم بن حماد وهو شيخ الإمام البخاري فى كتابه (( الفتن )) حيث روى بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( فى رمضان آية فى السماء كعمود ساطع ، وفى شوال البلاء ، وفى ذي القعدة الفناء ، وفى ذي الحجة ينتهب الحاج ، والمحرم ما المحرم )) قال نعيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يكون صوت فى رمضان ، ومعمعة فى شوال وفى ذي القعدة تجاذب القبائل ، وعامئـذ ينتهـب الحـــــــاج وتكون ملحمة عظيمة بمنى يكثر فيها القتلى وتسيل الدماء وهم على جمرة العقبة )) ، وقال أيضا : (( إذا كانت صيحة فى رمضان فإنه يكون معمعة فى شوال ... قلنا : وما الصيحة يا رسول اله ؟ قال : هَدَّةٌ فى النصف من رمضان ليلة جمعة فتكون هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورهن فى ليلة جمعة فى سنة كثيرة الزلازل ، فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فادخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسُدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسُدوا آذانكم فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدا وقولوا : سبحان القدوس ، سبحان القدوس ، ربنا القدوس ، فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل ذلك هلك ))
      وهذا الذى ذكره نعيم بن حماد من حديث عبد الله بن مسعود رضى اله تعالى عنه يعلمنا فيه كيف التصرف عند سماع الهَّدةِ العظيمة ، أما عن سبب تلك الهدة فالله أعلم به .
 
وأخرج الدارقطنى قال : قال محمد بن على :
 (( إن لمهدينا آيتين لم يكونا منذ خلق الله السماوات والأرض، ينكسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس فى النصف منه ولم يكونا منذ خلق الله السماوات والأرض )) .
أحبائى فى الله ..
         إن مجيء المهدى آخر الزمان أمر قدرى ، قد قدره الله وكتبه عنده فى أم الكتاب فهو كائن لا محالة شأنه فى ذلك شأن ظهور باقى العلامات الكبرى ، لذلك يجدر القول بأن الإيمان بالمهدى واجب شرعى وعقيدة لازمة للمؤمن لأن الأحاديث التى وردت بشأنه متواترة والتواتر يفيد العلم القطعى فالعلم بها واجب ، والعمل بها فرض لازم ، وقد يدخل فى دائر الكفر من جحد أو أنكر حديثا متواترا . 
        والمهدى المنتظر رجل صالح يكره الإمامة ويزهد في الرئاسة ، فالرئاسة لها بريق إلا أن المهدى زاهد فيها بل وكاره لها يصلحه الله فى ليلة ويُقَدِّرُ عليه أن يقبل البيعة بالخلافة لأمر عظيم ينتظر الأمة ، فينتظرها حروب وملاحم متتالية فما أن يتولى الخلافة حتى يخوض غمار نحو عشرة حروب فى بضع سنوات هى مدة استخلافه قبل أن يلقى ربه .
       وتكون بيعته بأن يطلبه بعضا من العلماء فيجدونه بعد طول بحث عند الكعبة فى موسم الحج فيطلبون منه أن يقعد ليبايعوه فيأبى أى يرفض ويهرب منهم إلى المدينة فيطلبونه هناك فيهرب منه مرة ثانية إلى مكة فيدركونه عن الكعبة فيأمرونه أمرا ويحملونه قسرا على قبول البيعة لأنهم علماء عرفوه بصفته ونعته الذى نعته به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجد المهدى بدا من الجلوس بين الركن والمقام فيمد يده للمبايعة على ذلك الأمر الجلل .
         ذكر نعيم بن حماد بسنده عن عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنه قال :
(( إذا انقطعت التجارات والطرق وكثرت الفتن ، خرج سبعة رجال علماء من أُفِقٍ شتى ( أى من كافة الاتجاهات والبلاد ) على غير ميعاد يبايع لكل رجل منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ( أى مع كل منهم ذلك العدد ) حتى يجتمعوا بمكة فيلتقى السبعة فيقول بعضهم لبعض : ما جاء بكم ؟ فيقولون : جئنا فى طلب هذا الرجل الذى ينبغى أن تهدأ على يديه هذه الفتن ، وتفتح له القسطنطينية قد عرفناه باسمه واسم أبيه وأمه وحليته ، فيتفق السبعة على ذلك فيطلبونه فيصيبونه بمكة فيقولون له : أن فلان بن فلان ؟ فيقول : بل أنا رجل من الأنصار ( حتى يفلت منهم ) فيصفونه لأهل الخبرة والمعرفة به ، فيقال : هو صاحبكم الذى تطلبونه وقد لحق بالمدينة ، فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة ، فيطلبونه بمكة فيصيبونه فيقولون : أنت فلان بن فلان وأمك فلانة بنت فلان وفيك آية كذا وكذا ، وقد أفلت منا مرة فمد يدك نبايعك ، فيقول : لست بصاحبكم فلان بل أنا فلان الأنصاري حتى يفلت منهم فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيصيبونه بمكة عن الركن ( أي عند الحجر الأسود ) فيقولون : إثْمُنَا عليك ودِمَاؤُنَا فى عنقك إن لم تمد يدك نبايعك ، هذا عسكر السفيانى قد توج فى طلبنا ، فيجلس بين الركن والمقام فيمد يده فيبايع له ويلقى الله محبته فى صدور الناس فيسير مع قوم أُسْدٌ بالنهار رهبانٌ بالليل ))
 
       وروى نعيم بن حماد أيضا أن المهدى سيظهر بمكة بجوار الكعبة عند العشاء ، فإذا صلى العشاء نادى بأعلى صوته فيحمد الله ويثنى عليه ثم يقول :
(( أذكركم الله أيها الناس ، ومقامكم بين يدي ربكم فقد اتخذ الحُجَّةَ وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب ، وأمركم ألا تشركوا به شيئا وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن تُحّْيُوا ما أحيا القرآن وتُمِيتُوا ما أمات ، وتكونوا أعوانا على الهدى وَوُزَرَاً على التقوى ، فإن الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها وأذنت بالوداع فإني أدعوكم إلى الله وإلى رسوله والعمل بكتابه وإماتة الباطل وإحياء السنة )) .
     وبعد أن ينتهى من حديث يبايعه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا غير السبعة العلماء الذين بايعوه ، ويأتيه عصائب من العرق وأبدال الشام ونجائب مصر ليبايعوه ، فيجتمع له كما تقول الروايات : اثنا عشر ألفا إن قلوا أو خمسة عشر ألفا إن كثروا فيخرج بهؤلاء يَسِيرُ الرعب بين يديه لا يلقاه عدو إلا هزمه بإذن الله.
     
          والمهدى المنتظر، شاب من شباب المسلمين من آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم وتحديدا من ولد الحسن بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى أبو داود وابن ماجة والحاكم عن أم سلمة وقال الألباني سنده جيد ورجاله كلهم ثقات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
 
(( المهدى من عِتْرَتِى ، من ولد فاطمة ))
 
       أما اسمه فهو ( محمد بن عبد الله ) أى أن اسمه يوافق اسم النبى صلى الله عليه وسلم وأبيه ، فقد روى الطبرانى والبزار وأبو نعيم وقال الألباني فى السلسلة الصحيحة صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
 
(( لَتُمْلأن الأرض جورا وظلما فإذا مُلِئَتَ جوراً وظلماً
يبعث الله رجلا منى اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبى ،
فيملؤها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ،
فلا تمنع السماء شيئا من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها ، ويمكث فيكم سبعا أو ثمانيا ، فإن أكثر فتسعا ))
 
   والأحاديث الواردة فى المهدى كثيرة قال الإمام الشوكانى فى كتابه (التوضيح فى تواتر ما جاء فى المنتظر والدجال والمسيح ) قال :
(( والأحاديث الواردة فى المهدى التى أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديث فيها الصحيح والحسن والضعيف والمنجبر وهى متواترة بلا شك ولا شبه ))
        ويجدر التنبيه بأنه ليس بنبى وانما هو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين وليس هو بالمنتظر الذى تزعمه الرافضة ( الشيعة ) وترتجى حضوره من سرداب سامراء فان ذلك مالا حقيقة له ولا عين ولا أثر فإنهم يزعمون أنه محمد بن الحسن العسكرى وأنه دخل السرداب وعمره خمس سنين وينتظرون خروجه ولن يخرج .
روى أبو داود والحاكم وحسنه الألباني فى تخريج المشكاة وصحيح الجامع ، عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :      أما عن وصفه فقد   (( المهدى منى أجلى الجبهة أقنى الانف يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، ويملك سبع سنين ))
     لقد وصفه النبى صلى الله عليه وسلم بأنه أقنى الأنف أى طويل الانف مع دقة ارنبته مع احتدابه فى المنتصف مما زاد من جمال منظره ، وانه واسع الجبهة يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يملك سبه سنين أو ثمانية أو تسعا ويعيش الناس فى أيامه ـ بعد نزول عيسى عليه السلام ـ فى نعمة لم ينعموا مثلها ، يهيئ الله تعالى المهدى ويصلحه فى ليلة واحدة أى يهيئه ويعده للخلافة وقيادة المسلمين فى أيام الفتن والملاحم ويؤيده بنصره وعونه ، روى أحمد فى مسنده وابن ماجة فى سننه عن على رضي الله تعالي عنه وقال الألباني صحيح ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
 (( المهدى منا أهل البيت يصلحه الله فى ليلة ))
 
هذا وللحديث بقية نستكمله فى الحلقة القادمة بمشيئة الله وأمره .
 
 
  Today, there have been 8678 visitorson this page!  
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free