mahmoudhussin
  الشفاعة والحوض
 
 
 
الحمد لله حمد الشاكرين
والصلاة والسلام على البشير النذير الذى تمت به من الله على الناس المنة
وجعل شفاعته سبيلا لدخول الجنة
فتلك هي الحلقة الخامسة عشر من حلقات سلسلة الحديث عن الدار الآخرة ،نستكمل فيها الحديث بالحديث عن شفاعة النبى صلى الله عليه وسلم .
    فبعد الجوازعلى الصراط وبعد أنيحبس الناس على قنطرة القصاص لرد المظالم يؤذن فى الشفاعة .
     روى ابن حبان في صحيحه عن أبى سعيد الخدرىرضي الله تعالى عنه قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(( يمـر الناس على جسر جهنم وعليه حسك وكلاليبوخطاطيف تختطف الناس يمينا وشمالاوعلى جنبتيه ملائكة يقولون اللهم سلم اللهم سلمفمن الناس من يمر مثل البرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالفرس المجرى ومنهم من يسعى سعيا ومنهم من يمشى مشيا ومنهم من يحبو حبوا ، ومنهم من يزحف زحفافأما أهل النار  الذين هم أهلها فلا يموتون ولا يحيونوأما الناس فيؤخذون بذنوب وخطايا فيحترقون فيكونون فحما ثم يؤذن في الشفاعة ))
        فشفاعته صلوات الله وسلامه عليه ثابتة له فهو الذى لا ينطق عن الهوىقد أخبر بذلك فقال :((ألا وأنا حبيب الله ولا فخر وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لي فأدخلها و معى فقراء المؤمنين ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر ))
     وروى الترمذي والبيهقىوالدارامى في السنن وأبو يعلى فى معجمه عن أنس رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( أنا أول الناس خروجا إذا بُعِثُوا وأنا خطيبهم إذا أنصتوا وقائدهم إذا وفدوا وشافعهم إذا حبسوا وأنا مبشرهم إذا آيسوا ، لواء الحمد يومئذ بيدي ومفاتيح الجنة يومئذ بيدي  وأنا أكرم ولد آدم يومئذ على ربى ولا فخر  يطوف علىَّ ألف خادم كأنهم اللؤلؤ المكنون ))
وروى الترمذي كذلك عن أبى هريرة رضى الله عنه انه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني أقوم بين يدى ربى عز وجل فأكسى حلةمن حلل الجنة ثم أقوم عن يمين العرش ليسأحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيرى ))
     فإنه إذا حق دخول النار على طوائف من المؤمنين فان الله تعالى بفضله يقبل فيهم شفاعة سيد الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه ،وشفاعته صلوات الله وسلامه عليه للناس كافة فقد أرسل الحبيب رحمة للعالمين فهو شفيع لأمته ولمن أسلم وجهه لله من الأمم السابقين . 
    روىمسلم عن شفاعة الحبيب صلى الله عليه وسلم في كتاب الإيمان عن أبي زرعة، عن أبي هريرة؛ قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بلحم. فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة ( أي قطع لنفسه منها قطعة ) وقال : (( أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك ؟ يجمع الله الأولين والآخرين فى صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس بعضهم لبعض ألا ترون ما قد بلغكم ؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقول بعض الناس لبعض عليكم بآدم عليه السلام .فيأتون آدم فيقولون له أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكـة فسجـدوا لك إشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟فيقول لهم آدم عليه السلام إن ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله وأنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسى نفسي ، اذهبوا إلى غيرى اذهبوا إلى نوح . فيأتون نوحا عليه السلام فيقولون يا نوح أنت أول المرسلين إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدا
 
 
 
شكورا اشفع لنا إلى ربك ألا ترى مانحن فيه ؟فيقول إن ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله وأنه قد كانت لى دعوة دعوتها على قومى ، نفسى نفسى ، اذهبوا إلى غيرى اذهبوا إلى إبراهيم خليل الله ، فيأتون إبراهيم خليل الله عليه السلام فيقولون أنت نبى الله وخليلـه من أهــل الأرض إشفع لنا إلى ربك ألا ترى مانحن فيه ؟فيقــول لهم إن ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله وإني كنت كذبت ثلاث كذبات وذكرها ( وهو قوله أنى سقيم وقوله فى آلهتهم بل فعله كبيرهم هذا وقوله فى زوجته سارة إنها أختي ) ، نفسى نفسى ، اذهبوا إلى غيرى اذهبوا إلى موسى ،فيأتون موسى عليه السلام فيقولون يا موسى أنت رسول الله فضلك برسالته وبكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ فيقول إن ربى غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضببعده مثله وإني قتلت نفسا لم أومر بقتلها ، نفسى نفسى ، اذهبوا إلى غيرى اذهبوا إلى عيسى عليه السلام .فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس فى المهد اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟
    فيقول عيسى عليه السلام إن ربى غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله (ولم يذكر ذنبا) وقال ، نفسى نفسى اذهبوا إلى لغيرى اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيأتوني فيقولون يا محمد أنت رسول الله وخاتم النبيين وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ فأنطلق فآتى تحت العرش فأقع ساجدا لربى ثم يفتح الله لى من محامده وحسن الثناء على شيئا لم يفتحه على أحد قبلى ثم يقال : يامحمد ارفع رأسك سل تعط واشفع تشفع فأرفع رأسى فأقول أمتى أمتى يا رب ، فيقال يامحمد أدخل من أمتك من لاحساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، ثم قال : والذي نفسى بيده إن بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير أو كما بين مكة وبصري )) . والحديث صحيح من طرق كثيرة فقد رواه بنحوه البخاري في كتاب التفسير وابن ماجة فى كتاب الزهد والترمذي فى صفة القيامة وابن حبان فى كتاب التاريخ ورواه أحمد فى مسنده ،  تلك هى شفاعة خاتم الأنبياء والمرسلين للناس كافة من الأمم السابقة فهو الذى أرسله ربه رحمة للعالمين والذي لا يقول نفسى نفسى وإنما يقول أمتى أمتى ويدخر دعوته ليوم القيامة شفاعة لأمته خاصة فهو صلى الله عليه وسلم الذى قال :(( لكل نبي دعوة مستجابة فأريد أن اختبئ              دعوتى شفاعة لأمتي يوم القيامة )) .
    فشفاعته صلى الله عليه وسلم لأمته شفاعة خاصة لمن أدخل من عصاة أمته إلى النار ، أخرج الدارامى : عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر وأعطى لواء الحمد ولا فخر وأنا سيد الناس يوم القيامة ولافخر وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر وأتى باب الجنة فآخذ بحلقتها فيقولون من هذا فأقول أنا محمد فيفتحون لي فأدخل فأجد الجبار مستقبلي فاسجد له فيقول أرفع رأسك يا محمد وتكلم يسمع منك وقل يقبل منك واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول أمتي أمتي يا رب فيقول : اذهب إلى أمتك فمن وجدت في قلبه مثقال حبة من شعير من الإيمان فأدخله الجنــــة ، ول الحبيب صلى الله عليه وسلم : فأذهب فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك أدخلتهم الجنة فأجد الجبار مستقبلي فاسجد له فيقول أرفع رأسك يا محمد وتكلم يسمع منك وقل يقبل منك واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول أمتي أمتي يا رب فيقول اذهب إلى أمتك فمن وجدت في قلبهمثقال حبة من خردل من الإيمان فأدخله الجنة ،  ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : فاذهب فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك أدخلتهم الجنة .
 
 
 
 
      يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم : وفرغ من حساب الناس وأدخل من بقي من أمتي في النار مع أهل النار فيقول أهل النار ما أتغنى عنكم ؟ ( أي هل استغنى عنكم ؟) إنكم كنتم تعبدون الله ولا تشركون به شيئا ، فيقول الجبار جل وعلا : فبعزتي لأعتقنهم من النار ، فيرسل إليهم فيخرجون من النار وقد امتحشوا فيدخلون في نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في غثاء السيل ويكتب بين أعينهم هؤلاء عتاق الله فيذهب بهم فيدخلون الجنة فيقول لهم أهل الجنة هؤلاء الجهنميون فيقول الجبار بل هؤلاء عتقاء الجبار)) .
    بل الأكثر من ذلك فهو لا يجلس فوق منبره يوم القيامة ويظل واقفا مخافة أن يدخل أحد من أمته النار ولا يهنأ بالجلوس فوق منبره ويقول يارب أمتي أمتي ، قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( ينصب للأنبياء منابر من ذهب فيجلسون عليها ويبقى منبرى لا أجلس عليه أظل قائما بين يدى ربى منتصبا مخافة أن يبعث بى إلى الجنة وتبقى أمتى بعدى فأقول يارب أمتى
فيقول الله عز وجل يامحمد وما تريد أن أصنع بأمتك فأقول عجل حسابهم فما أزال أشفع حتى أعطى صكاكا برجال قد بعث بهم إلى الناروحتى أن مالكا خازن النار يقول : يامحمد ما تركت النار لغضب ربك فى أمتك من بقية ))
وروى مسلم عن عبد الله بن عمـرو بـن العاص قال :
 (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم عليه السلام{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }إبراهيم36وقول عيسى عليه السلام {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }المائدة118
ثم رفع يديه وقال أمتى أمتى ثم بكى ، فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد فسله ما يبكيك ؟فأتاه جبريل فسأله فأخبره (والله أعلم به)فقال رب العزة : يا جبريل إذهب إلى محمد فقل لهإنا سنرضيك فى أمتك ولا نسوءك ))
وروى البخاري أن أبا هريرة رضى الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ قال :( لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألنى عن هذا الحديثأحـد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث ؟أسعد الناس بشفاعتى يوم القيامة من قال :لاإله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه )).  
     ومثلما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفاعة فانه قد أعطى مكرمة عظيمة ألا وهو الحوض الذى خصه به رب العزة الذى نسأل الله تعالى أن يسقينا منه بيد حبيبه صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا ، فإن من صفات ماء ذلك الحوض أن من شرب منه لن يظمأ أبـدا .     
قال أنس رضي الله عنه ( أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة فرفع رأسه متبسما فقالوا له يا رسول الله لم ضحكت ؟ فقال : آية أنزلت وقرأ قول الله تعالى : (( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ* إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ))ثم قال : هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : إنه نهـر وعدنيـه ربى عـز وجـل فى الجنـة عليـه حـوض تـرد عليـه أمتـى يـوم القيامـة آنيتـه عـدد نجـوم السمـاء )) .  
    وروى ابن عمر: انه لما نزل قوله تعالى ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( هو نهر في الجنة حافتاه من ذهب شرابه اشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وأطيب ريحا من المسك يجرى على جنادل الؤلؤ والمرجان )) .
وقال أنس أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  (( بينما أنا أسير فى الجنة إذا بنهر حافتاه قباب الؤلؤ المجوف قلت ما هذا يا جبريل ؟ قال هذا الكوثر الذى أعطاك ربك فضرب الملك بيده فإذا طينته مسك أزفر )) ، وعن سمرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن لكل نبى حوضا وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة )).. وللحديث بقية ...
 
 
  Today, there have been 8702 visitorson this page!  
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free