mahmoudhussin
  الحديث عن النار 3
 
 
الحمـد لله حمـدا دائمـا لا يعــد
وصلاة وسلاما على الحبيب محمد ليس لها منتهى أو حد
وعلى آله وصحبه الطاهرين ما طـال الزمان وامتـــد
 
أحبتى فى الله ... تلك هى الحلقة الثامنة عشر من لقاءات السلسلة المباركة فى رحاب الدار الآخرة، ونستكمل فيها ما بدأناه من الحديث عن عن النار بما        رواه البيهقى عن محمد بن كعب القرظى قال : لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله فى أربع ، فإذا كان فى الخامسة لا يتكلمون بعدها أبدا ، يقولون : { رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ }غافر11 قال : فيجيبهم الله تعالى : { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ }غافر12 ، ثم يقولون : { رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ }السجدة12 فيجيبهم الله تعالى : { فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }السجدة14 ثم يقولون : { رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ }إبراهيم44 فيجيبهم الله تعالى : { أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ }إبراهيم44 ثم يقولون : { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} فيجيبهم الله تعالى : {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }فاطر37 ثم يقولون : { رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ }المؤمنون106 فيجيبهم جل وعلا : { اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ }المؤمنون108 فلا يتكلمون بعدها أبدا .
        ثم يقال لأهل الجنة : اطلعوا إلى أهل النار فيطلعون إليهم فيرى الرجل أباه ويرى جاره وصديقه ، ويرى العبد مولاه ، ثم إن الله تعالى يبعث إليهم الملائكة بأطباق من نار ، ومسامير من نار ، وعمد من نار ، فتطبق عليهم بتلك الأطباق ، وتشد بتلك المسامير ، وتمد بتلك العمد فلا يبقى فيها خلل يدخل فيه روح ولا يخرج منه غـم وينساهم الرحمن على عرشه ، ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم ، ولا يستغيثون بعدها أبدا ، وينقطع كلامهم فيكون كلامهم زفيرا وشهيقا ، وذلك قوله جل وعلا : {إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ } الهمزة8 ـ 9   فاتقوا الله عباد الله { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }الحشر18 واذكروا قوله جل وعلا :{ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } البقرة 24 ،  قال السدى فى تفسيره عن ابن مسعود أن الحجارة هي حجارة فى النار من كبريت اسود يعذب به الكافرون مع النار أجارنا الله منها .
    وأخرج القرطبى والرازي عن مجاهد أنه قال : حجارة من كبريت أنتن رائحة من الجيفة وقيل أنها حجارة الأصنام التى كانت تعبد من دون الله وذلك قوله تعالى:   { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }الأنبياء98
     فاتقوا الله عباد الله واحذروا من الوقوع فى حبائل الشيطان فانه سيتبرأ مما أوقع فيه العصاة وسيكون خطيبا لأهل النار بعد أن يحشره الله معهم فى جهنم وقد أخبر رب العزة بذلك فقال عن مخاطبة الشيطان لأتباعه فى جهنم:   
{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ
وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن
دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ
بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ
مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }إبراهيم22
 
أحبتي في الله ...
     إن الحديث عن النار وعذابها تتيه منه العقول تقشعر منه الأبدان ويشيب له الولدان ، لذلك فقد أوصى الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وبشَّر فقال مما رواه أنس رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
 (( ارغبوا فيما رغبكم الله واحذروا وخافوا ماخوفكم الله
من عذابه وعقابه ومن جهنم فانه لو كانت قطرة من النار
معكم فى دنياكم التى انتم فيها طيبتها لكم وخبأتها عليكم ))
 
       هذا أحبائى فى الله ... رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى أرسل رحمة للعالمين يبشركم معشر المسلمين بأنه لو كانت معكم قطرة من النار فى دنياكم لطيبها لكم وخبأها عليكم فما بالكم وهو شفيعكم فى الآخرة فلنعمل بسنته صلى الله عليه وسلم ونسير على نهجه ونتبع هديه فنكون من الفائزيـن الناجين من نار جهنم وسعيرها ، وليحذر كل منا من غرور الدنيا فمن يقع فى حبائلها تقوده إلى النار ، ولا تبكوا عليها فان السلامة فيها ترك ما فيها ويكفى المسلم فى تركه للدنيا وزخرفها وطلبه للجنة أن يمشى متعجلا السير إلى الآخرة بأن يبنى لنفسـه بيتا فى الجنة ويكون ذلك بالعمل الصالح فى الدنيا والعبادة الخالصة لله تعالى كما أمر ، فمن كان عاقلا فإنه يرضى بما قسم الله له من الدنيا ولا يشتغـل بالجمع ، ويشتغل بعمل الآخرة لان الآخرة هى دار القرار ودار النعيم والدنيا دار الفناء وهى غدارة مفتنة فتكون النتيجة الفوز بالجنة فنعم أجـر العاملين .
 
 
ولله در الإمام على كرم الله وجهه حيث قال  :
 النفس تبكى على الدنيا وقد علمت          إن السلامة فيها ترك ما فيهــا
 لا دار للمرء بعد الموت يسكنها         إلا التى كان قبل الموت يبنيهــا
 فان بناها  بخيـر طاب ساكنهـا         وإن بناها بشر خاب بانيهـــا
 أموالنا لذى الميراث نجمعهــا         ودورنا لخراب الدهـر نبنيهــا
 كم من مدائن فى الآفاق قد بنيت          أمست خرابا وأفنى الموت اهليها
 فاعمل لدار غدا رضوان خازنها         والجار أحمد والرحمن ناشيهــا
 
أحبائى فى الله ... اذكركم بقوله جل وعلا الأعراف 156:
{عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ
فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }
     فعلينا أحبائى فى الله رغم ما عرفنا من أمر جهنم وأهوالها أن نحسن ظننا بالله وأن نعمل جاهدين على نوال رضاه ولا يكون ذلك إلا بالعودة إلى الله والعمل بكتابه وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم فمن كان عاصيا أو متكاسلا عن عبادة ، فليبدأ فى إعلان توبته وليكن آدم فى ذلك قدوته فأول التائبين إلى الله سيد البشر آدم عليه السلام إذ قال تعالى فى كتابه الكريم:                    (( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ  إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) البقرة 37وهو سبحانه جل شأنه الذي قال فى كتابه الكريم :
(( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ
وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ))الشورى 25
 
     وأختم الحديث عن النار بما بدأتاه مما ورد فى مصنف بن شيبة حيث قال : حدثنا أبو معاوية ويعلى عن الأعمش عن أبي سعيد عن أبي الكنود قال : مـر عبد الله على قاصٍ وهو يذكر النار فقال : يا مذكر ! لا تقنط الناس وتلا قول الله تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ }الزمر53
  
       لذلك أحبائي في الله فكل ما تم ذكره عن النار ووصفها يجب ألا يجعلنا نقنط من رحمة الله فقد قال سبحانه وتعالى :
{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }الأعراف156
 
اللهم إنا نعوذ بك من سخطك والنار
اللهم { رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } الفرقان65
وللحديث عن الدار الآخرة بقية ...
 
 
 
  Today, there have been 8695 visitorson this page!  
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free