mahmoudhussin
  ماذا بعد حديث الدار الآخرة
 

 

الحمــــد لله الذى يبدأ بحمده كل خطاب

غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب         

اللهم إنا نتوب إليك توبة الموقنين بأنك رب الأرباب ومسبب الأسباب

ونرجوك أن تقبل توبتنا وأوبتنا رجاء العالمين بأنك االغفور التواب 

فسبحانك ربنا  نلجأ إليك لجوء الآملين فى عفوك يوم العرض والحساب

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد سيد المرسلين والأنبياء

وعلى آله وصحابته السادة الأصفياء العاملين بالسنة والكتاب

صلاة دائمة مصونة من الإنقضاء والإنقطاع إلى  يوم الفصل والخطاب

 

يارب  إن عَظُمَتْ ذنوبى كثـرةً      فلقد علمتُ بأن عفـوَكَ أعظَـمُ

أدعوك ربى كما أمرت تضرعـاً     فإذا رددت  يدى فمـن ذَا يرحَمُ

إن كان لا يرجوكَ إلا محســنٌ     فمن الذى يرجو المسئَ المجرمُ

مالى إليك وسيلةً إلا  الرجــا       وجميلُ عفوكَ ثم أَنِى  مُسْلِــمُ

 

أحبائى فى الله ...

     انتهينا فى الحلقة الماضية من الحديث عن سلسلة المباركة فى رحاب الدار الآخرة وانتهينا الى أن بعـد الجنة فضل من الرحمن عظيم ذلك انه جل وعلا يتجلى لعباده أصحاب الجنة فيرونه رأى العين بل ويكلمهم بغير حجاب ولا ترجمان فالنظر الى وجهه الكريم هى أعلا الدرجات بل هى أعلا من درجة دخول الجنان ... 

 

    وفى هذه الحلقة تعالوا بنا نسأل أنفسنا ماذا أعددنا للفوز بالجنة وبالنظرالى وجهه الكريم تبارك وتعالى ؟ أو بعبارة أخرى ماذا علينا أن نفعل من الآن لنحظى بذلك ؟ .

    إن الإجابة على ذلك سهلة ويسيرة فهى بالرجوع الىعلام الغيوب وستار العيوب ولا يكون ذلك إلا بالصحو من الغفلة والاغتسال بالتوبة من الذنوب فهى طريق السالكين ورأس مال الفائزيـن ، ولا ننسى أن أول التائبين أبو البشرأجمعين آدم عليه سلام رب العالمين إذ قال تعالى فى كتابه الكريم:

 ((  فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) البقرة37

    لما هبط آدم عليه السلام الى الارض بكى على ذنبه فقال : يارب إنى تبت وأصلحت أتقبلنى ؟ فأوحى الله اليه : إنى كتبت على عرشى من قبل أن أخلق السماوات والأرض { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى } طه82.  وروىعن الحسن قال :

(( لما تاب الله عز وجل على آدم عليه السلام هنأته الملائكة وهبط عليه جبريل وميكائيل عليهما السلام فقالا ياآدم قـرت عينك بتوبة الله عليك ،  فقال آدم عليه السلام : ياجبريل فان كان بعد هذه التوبة سؤال فاين مقامى ، فأوحى الله إليه ياآدم

 

ورثت ذويك التعب والنصب وورثتهم التوبة فمن دعانى منهم لبيته كما لبيتك ومن سألنى المغفرة لم أبخل عليه لأنى قريب  ياآدم وأحشر التائبين من القبور مستبشريـن ضاحكيـن ودعاؤهـم مستجاب ))   

 

وروى عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه قال :

 (( قال : آدم صلوات الله وسلامه عليه : يارب إنك سلطت علىّ إبليس ولا أستطيع أن أمتنع منه إلا بك ، قال : لايولد لك ولد إلا وكلت عليه من يحفظه من مكر إبليس عليه اللعنة ومن قرناء السوء ، قال : يارب زدنى ؟ قال : الحسنة بعشر أمثالها وأزيدها والسيئة بواحدة وأمحوها ، قال : يارب زدنى ؟ قال : التوبة مقبولة مادامت الروح فى الجسد ، قال : يارب زدنى ؟ قال :

 

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن

رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53

  

     فياأيها النائم فى غفلته وياأيها المغتر بقوته وياأيها المغتر بغناه وقدرته إستمع معنا الى هذه الرسالة فهى رسالة موجهة من رب العباد الى من عصى واغتر ، ونسى أن فى القبر مثواه والمستقر ، فقد روى فى الأثر أن الله  تعالى أنزل فى صحف إبراهيم عليه السلام :  (    رسالــــــــــة  قال فيها :  )

 

(( من العزيز الحميد إلى من أبق من العبيد ، سلام عليكم ، هذه رسالتى إليكم بما أختصكم به من نور العلم ، وذكاء الفهم ، فأول ذلك أنى أخرجتكم من العدم إلى الوجود ، واخترعت لكم الجود ، وأنشأت لكم الأبصار فأبصرتم ، والأسماع فسمعتم ، والألسنة فنطقتم ، والقلوب فعلمتم ، والعقول ففهمتم ، وأشهدتكم على أنفسكم لى بالوحدانية فشهدتم ، وعند الإقبال أدبرتم ، وبعد الإقرار أنكرتم ، ونقضتم عهودنا وغيرتم ، فلا يوحشنكم ذلك منا ، فإن عدتـم عدنا ، وزدنا فى الكرم وجدنا ، فمن عثر أقلنا ، ومن قطع وصلنا ، ومن تاب قبلنا ، ومن نسى ذكرنا ، ومن عمل قليلا شكرنا ، نعطى ونمنع ، ونجود ونسمح ، ونعفو ونصفح ، كرمنا مبذول وسترنا مسبول .

       عبدى انظر إلى السماء وارتفاعها ، والشمس وإشعاعها ، والأرض وأقطارها ، والأمواج وبحارها ، والفصول وأزمانها ، والأوقات وإتيانها ، وماهو ظاهر وكامن ، ومتحرك وساكن ، ومستيقظ وراكع وساجد ، وماغاب

وماحضر ، وما خفى وماظهر،  الكل يشهد بجلالى ، ويقر بكمالى ، ويعلن بذكرى ، ولا يغفل عن شكرى .    

     عبدى أذكرك وتنسانى ، وأسترك ولا ترعانى ، لو أمرت الأرض لابتلعتك من حينها ، أوالبحار لغرّقتك فى معينها ، ولكن أحميك بقدرتي وأمدك بقوتى وأؤخرك إلى أجل أجلته ، ووقت وقته ، فلا بـد لك من الــــورود علىّ ،

 

والوقوف بين يدىّ ، أعدد عليك أعمالك ، وأذكر أفعالك ، حتى إذا أيقنت بالبوار، وقلت : لا محالة أنك من أهل النار ، أوليتك غفرانى ، ومنحتك رضوانى ، وغفرت لك الذنوب والأوزار ، وقلت : لا تحزن فمن أجلك سميت نفسى الغفار )) ، فـ  {  يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }. 

 

أحبتى فى الله  ... تلك كانت الرسالة فمن لم يعيها ولم يفهم ما فيها ، فليرجع الى كلام رب الخلائق وباريها ، يقول جلا وعلا لمن لم يفهم معانيها

{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوعَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

 ( الشورى 25 )

 

     فيا من أوقعت نفسك فى الذنوب والخطايا ، لاتبكى على مافات وتوجه لرب الى رب الخلائق والبرايا فإن بابه مفتوح على مصراعيه ويجزل لمن تاب العطايا ، توجه لربك مستجيرا فتنال بركات الهداية  وقل يارب  :

 

 

بك استجيـر ومن يجيـر سواكـا        فأجر ضعيفا يحتمى  بحماكـا

أذنبــت يــارب  وآذتنـــى         ذنوب مالها  من غافر  إلاّكـا

دنيـاى غرتني وعفـوك غرني          ما حيلتي في هـذه أو ذاكــا

أنا كنت يـارب أسيـر  غشـاوة         رانت على قلبى فضل سناكـا

واليوم يارب  مسحت  غشاوتـى         وبدأت بالقلب البصير أراكــا

ياغافـر الذنب العظيـم  وقابـلا         للتوب إقبل  تائبـا  ناجاكــا

اترده وتـرد صـادق  توبتــى         حاشاكا ترفض تائبـا حاشاكـا

يارب جئتـك نادمـا أبكى علـى         ما قدمتـه يـداى لا  أتباكــا

يارب عدت إلى رحابــك تائبـا          مستسلما مستمسكـا  بعراكـا

أني أويت  لكل مأوى فى الحيـاة         فما رأيـت أعـز من مأواكـا

وتلمست نفسى السبيل الى النجاة         فلم تجد منجى سـوى منجاكـا

وبحثت عن سـر السعادة  جاهـدا             فوجدت السـر فـى  تقواكـــــــــا

أدعوك ياربى لتغفر ذلتــــى          وتعيننـى وتمدنـى  بهداكــا

فاقبل دعائى  واستجب لرجاوتى          ما خاب يوما من دعا  ورجاكـا

    

     ويا من رائحة الذنب منه تفوح ، لاتبكى على مافات وتنوح ، توجه لرب الملائكة والروح فإن بابه على مصراعيه مفتوح ، فإن أراد الله بك خيرا يهدى قلبك للتوبة النصوح ، فمهما كانت ذنوبك يا بن آدم فإن الله وسعت كل شئ رحمته وهو الغفور جلت قدرته ،  قال ابن عباس رضى الله عنهما  : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر باب التوبة ، فقال عمربن الخطاب يارسول الله ما باب التوبة ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم :

((  باب التوبة خلف المغرب له مصراعان من ذهب مكللان بالدر والياقوت مابين المصراع والمصراع الآخر مسيرة أربعين عاما للراكب المسرع ، وذلك الباب مفتوح منذ يـــوم

 

 

خلق الله تعالى خلقه الى صبيحة ليلة طلوع الشمس من مغربها ـ أى إلى يوم القيامة ـ   ولم يتب عبد من عباد الله تعالى توبة نصوحا إلا دخلت تلك التوبة من ذلك الباب ))

 

قال معاذ بن جبل  رضى الله تعالى عنه : بأبى أنت وأمى يارسول الله

 وما التوبة النصوح ؟

قال : أن يندم المذنب على الذى أصاب فيعتذر إلى الله تعالى ثم لايعود فيها ،  ثم تغرب الشمس والقمر فى ذلك الباب ثم يرد المصراعان فيلتئم مابينهما ويصير كأن لم يكن  بينهما صدع قط ، فعند ذلك لاتقبل من العبد توبة ولا تنفعه حسنة يعملها فى الاسلام إلا من كان قبل ذلك محسنا فانه يجرى له عمله وعليه ماكان يجرى قبل ذلك ، وذلك قوله تعالى :  

(( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا

لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ))

 

روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنه أنه قال :

(( باب التوبة مفتوح وهى مقبولة من كل أحد إلا من ثلاثة : إبليس  الكفرة ، وقابيل بن آدم رأس الخاطئين

ومن قتل نبيا من الانبياء ))

 

أحبائى فى الله

      إن باب التوبة مفتوح على مصراعيه فمن اراد الله به خيرا يهدى قلبه للتوبة فمهما كانت ذنوب بنى الانسان فان الله وسعت رحمته كل شئ حتى ولو كان طالب التوبة قد أذنب ذنبا عظيما فها هو وحشى بن جبل  قاتل حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هداه الله الى التوبة وأراد أن يدخل الاسلام ، قال بن عباس رضى الله تعالى عنهما :

 

(( أن وحشيا قاتل حمزة عم النبى صلى الله عليه وسلم كتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة : إنى أريد أن أسلم ولكن يمنعنى عن الاسلام آية من القرآن نزلت عليك وهى قوله تعالى  :

{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي

حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً }الفرقان68

وأنى قد فعلت هذه الاشياء الثلاثة فهل لى من توبة ؟ فنزلت الآية  الكريمة بقوله سبحانه وتعالى :

{ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ

سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الفرقان70

 

 

 

 

 

 

 

فكــتب النبى بذلك الى وحشى ، فكتب وحشى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فى الآية شرطا وهو العمل الصالح ولا أدرى هل أقدر على العمل الصالح أم لا ؟  فنزل قوله تعالى :

{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن

يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً }النساء48

 

فكــتب النبى بذلك الى وحشى ، فكتب وحشى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن فى الآية شرطا أيضا فلا أدرى أيشاء أن يغفر لى أم لا ؟ فنزل قوله تعالى :   { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن

رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر5

فكـتب النبى الى وحشى فلما لم  يجد فيها شرطا قدم المدينة وأسلم .

  

       فلنأخذ من ذلك الموقف هديا الى طريق التوبة فبالرغم من جسامة الفعل الذى قام به وحشى وهو قتل حمزة رضى الله عنه وهوعم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه فى الرضاعة ، إلا أن الله سبحانه وتعالى حين هدى قلبه إلى التوبة أعطاه مفاتيح فهم آيات الله وظل يكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أن الله أنزل الآية تلو الأخرى حتى كانت الآية الفاصلة وهى التى تدعو الى عدم القنوط من رحمة الله .

       فمهما أذنب العبد فإن باب التوبة لا ينغلق الا على من إرتكب أعظم الكبائر وهى الشرك بالله فنعوذ بالله أن نكون من المشركين ونشهد أن لا اله الا  الله وأن محمدا رسول الله .

 

أحبائى فى الله ...

    وروىفى الأثر أنه كان فى بنى إسرائيل عبـد عصى ربه عشرين سنة ثم نظر فى المرآة يوما فرأى الشيب فى لحيته فقال : إلهي عصيتك عشرين سنة فان رجعت إليك تقبلني ؟ فسمع صوتا يقول :  اجتبيتنا فاجتبيناك وتركتنا فتركناك وعصيتنا فأمهلناك وان رجعت إلينا قبلناك .      

  

     ومما روى كذلك أنه كان ببلاد الهند شيخ كبير يعبد صنما زمنا طويلا ثم حصل له أمر مهم فاستغاث بالصنم فلم يغثه فقال : يا أيها الصنم ارحم  ضعفى فقد عبدتك دهرا طويلا فلم يجبه فانقطع عند ذلك رجاؤه منه ( ونظر الله إلى ذلك الشيخ الكبير بعين الرحمة) فخطر على قلبه أن يدعو الواحد الصمد فنظر بطرفه نحو السماء وهو فى شدة الخجـل وقـال : ( يا صمد) فسمع صوتا من الهواء يقول : لبيك ياعبدى أطلب ماتريد ، فأقــر لله بالوحدانية ، فقالت الملائكة : ربنا دعا صنمه دهرا فلم يجبه ودعاك مرة واحدة  فأجبته ؟ فقال : ياملائكتى إذا دعـا الصنم فلم يجبه ودعـا الصمد فلم يجبه فأى فرق بين الصنم والصمد ؟

 

    هكذا هو الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن كثير فامتثل ياعبد الله لأمر الله وبادر بالتوبة قبل انتهاء الأجل واسمع لصوت من نادى وقال :

انظر إلى من حوى الدنيا بأجمعهـا      هل راح منها بغيرالحنط والكفـن ؟

خذ القناعةمن دنياك وارض بهــا      لو لم يكن فيها إلا راحـة البـدن

يا زارع الخير تحصد بعده ثمــرا       يا زارع الشر موقوف علي الوهن

 
واسمع لمن قال  :
ألا ايها الناسى ليوم رحيلـه         أراك عن الموت المفرق لاهيا

ألم تعتبر بالطاعنين إلى البلى        وتركهم الدنيا جميعا كما هيـا

ولم يخرجوا الا بقطن وخرقة        وماعمروا من منزل ظل  خاليا

وانت غدا أو بعده فى جوارهم       وحيدا فريدا فى المقابر ثاويـا

 

أحبتى فى الله   ان العبد اذا تاب قبـل الله توبته فلا ينبغى للعبد أن ييأس من رحمة الله تعالى فان الله تعالى قال :

{وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ

إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } يوسف87

وقال أيضا :

{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوعَنِ السَّيِّئَاتِ

وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } الشورى25

 

   فعلى كل عاقل أن يتوب الى الله فى كل وقت ولا يكون مصرا على الذنب فان الراجع عن ذنبه لا يكون مصرا وإن عاد فى اليوم سبعين مرة ، روى عن أبى بكر رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :

 (( ماأصر من إستغفر وإن عاد فى اليوم سبعين مرة ))

 

      وروى فى ذلك أنه كان فى بنى اسرائيل عابدا لله فدعاه الملك وقال له : اريدك ان تصاحبنى وأن تلزم بابى ولا تتركنى .

    فقال له العابد : أيها الملك حسنا ماتقول ولكن لودخلت علـى يوما فى بيتك فوجدتنى  ألعب مع جاريتك فماذا أنت فاعل بى ؟

    فغضب الملك غضبا شديدا وقال للعابد : يافاجر اتجترئ علـى بمثل هذا ؟

 فقال العابد أيها الملك : إن لى ربا كريما لو رأى منى سبعين ذنبا فى اليوم ماغضب علـى ولا طردنى عن بابه ولاحرمنى من رزقه فكيف أفارق بابــه

وألزم باب من يغضب علـى قبل أن أغضبه ، فماذا لو رأيتنى فى المعصية .     وتركه العابد وخرج الى حال سبيله .    

 

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ....

 

 
 
  Today, there have been 8697 visitorson this page!  
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free