mahmoudhussin
  خروج الدابة وظهور الدخان والحسوفات الثلا
 
الحمد لله ولى من كان تقيا
واصلي واسلم على نبيه محمد من قربه ربه نجيا وكان به حفيا
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه
الذين كان كل منهم راضيا مرضيا
أما بعد :
    أيها الخاشون للساعة ومع الحلقة الثانية عشر من حلقات سلسلة الحديث عن الدار الآخرة ،نستكمل الحديث فيما ورد عن بقى العلامات الكبرى وسادسها خروج دابة الأرض يقول الحق تبارك وتعالى:
{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ
أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ }النمل82
وهذه العلامة يراها الناسدابة تنطق وتبين بين يدي يوم الدين ، مخرجها بلد الله الأمين ، تجلو تلك الدابة وجه المؤمن وتحطم أنف الكافر ... رحماك ربنا رحماك .
   وهى أيضا قرينة طلوع الشمس من مخربها وصاحبتها إما أن تسبق طلوع الشمس من مغربها أو تسبقها الشمس روى احمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلام قال :
(( إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها
وخروج الدابة على الناس ضحى فأيتهما ما كانت
قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا ))
   واذكر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه أحمد بسند صحيحعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
 (( الآيات خرزات مضمومات في سلك
فان يقطع السلك يتبع بعضه بعضا ))
     خلاصة الأمر أن تلك العلامات الكبرى تقع متتابعة كحديث النبي صلى الله عليه وسلم كحبات الخرز أو كحبات العقد إذا انقطع فهي في تتابعها إثر بعضها .
     فالشمس تطلع من مغربها فى الصباح فيغلق باب التوبة ويختم للناس بما هم عليه حين طلوعها ثم تظهر الدابة فى ضحى هذا اليوم فتؤكد غلق باب التوبة بوسم المؤمنين والكافرين جميعا ، قال الحافظ بن حجر :
(( الحكمة فى ذلك أن عند طلوع الشمس من المغرب يغلق باب التوبة فتخرج الدابة فتميز المؤمن من الكافر تكميلا للمقصود من اغلاق باب التوبة ))
      روى مسلم في صحيحه عن أبي سريحة الأنصاري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر تخرج أول خرجة بأقصى اليمن فيفشو ذكرها بالبادية ولا يدخل ذكرها القرية يعني مكة ثم يمكث زمانا طويلا بعد ذلك ثم تخرج خرجة أخرى قريبا من مكة فينشر ذكرها في أهل البادية وينشر ذكرها بمكة ثم تكمن زمانا طويلا ثم بينما الناس في أعظم المساجد حرمة وأحبها إلى الله وأكرمها على الله تعالى المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهي في ناحية المسجد تدنو وتربو بين الركن الأسود وبين باب بني مخزوم عن يمين الخارج في وسط من ذلك فيرفض الناس عنها شتى ومعا ويثبت لها عصابة من المسلمين عرفوا أنهم لن يعجزوا الله فخرجت عليهم تنفض عن رأسها التراب فبدت بهم فجلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرية ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب ولا يعجزها هارب حتى أن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول أي فلان الآن تصلي فيلتفت إليها فتسمه في وجهه ثم تذهب فيجاور الناس في ديارهم ويصطحبون في أسفارهم ويشتركون في الأموال يعرف المؤمن الكافر حتى أن الكافر يقول يا مؤمن أقضني حقي ويقول المؤمن يا كافر أقضني حقي )) وهذا الحديث صحيح الإسناد وهو أبين حديث في ذكر دابة الأرض .
     أما عن قوله جل وعلا عن تكليم الدابة للناس فتقول : {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ }النمل82،فبينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها المسجد الحرام لم يرعهم إلا وهى ترغو ( تصيح ) بين الركن والمقام تنفض عن رأسها التراب تستقبل المشرق فتصيح صيحة تنفذه ، والمغرب تصيح صيحة تنفيذه فارْفَضَّ الناس عنها ( تفرقوا) شتى ومعا وتثبت عصابة من المؤمنين وعرفوا أنها دابة الله وأنهم لم يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كالكوكب الدرى وولت فى الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان الآن تصلى ؟!! فيقبل عليها فتسمه فى وجهه ثم تنطلق .
    وروى مسلم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( تخرج الدابة معها خاتم سليمان وعصا موسى فتجلو وجه المؤمن وتختم أنف الكافر بالخاتم حتى إن أهل الخوان ليجتمعون فيقول هذا يا مؤمن، ويقول هذا يا كافر))
هذا حديثٌ حسنٌ ورواه ابو داود الطيالسى واحمد وابن ماجة كلهم عن حماد بن سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
     وسابع تلك الأمارات الكبرى ظهور الدخان ، دخان يملأ الأرجاء مابين الثرى والسماء تكون منه الدنيا كبيت أوقد فيه ، يقول سبحانه :
{ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ }الدخان10 .
 
وهذه العلامة هى آخر علامة يراها المؤمنون اخرج ابن جرير وروى الطبرانى عن أبى مالك الأشعرى بإسناد جيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
 
(( إن ربكم أنذركم ثلاثا الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة
ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه
 والثانية الدابة والثالثة الدجال ))
 
    فالدخان هو العلامة السابعة التى يراها المؤمنون ولا تضرهم شيئا وانما هى انذار للكافرين ببدء حلول العذاب ونزول النقم بهم ، ويمكث الدخار اربعين يوما وبعد ظهور هذه العلامة تأتى ريح لينة من قبل اليمن فتقبض ارواح المؤمنين جميعا ولا تخلف الا النفوس الكافرة تمهيدا لصب العذاب عليهم صبا ، روى أحمد ومسلم والترمذى وابن ماجة عن النواس بن سمعان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :   (( تجئ ريح بين يدى الساعة فيقبض فيها روح كل مؤمن فيقبض ))
  وفى رواية لمسلم عن أبى هريرة ورواه الحاكم وذكره الألباني فى السلسلة الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :   
(( إن الله تعالى يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا
فى قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته ))
    فاتقوا الله عباد الله فمن لزم التقوى أمن ضير الفتن ونجا بإذن الله من صروف المحن ...
           فما ذكرنا من علامات كبرى فهى كلها علامات يراها المؤمنون فيرون الدجال وعيسى بن مريم عليه السلام ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها والدابة وكذلك الدخان ، والمهدى وهو حلقة الوصل بين العلامات الصغرى والعلامات الكبرى للساعة ، ثم يعقب ذلك علامات لايراها المؤمنون وهو من الأشراط الكبرى التي يرسلها الله ابتلاءً واختباراً يظهرها تخويفا وانذرا خسوفات ثلاثة تحل دونما إرادة فتقدح الخيفة من غضب الله وعقابه وتعنف إلى مرضاته وثوابه ، فعن حذيفة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الساعة لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات وذكر منهم خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب )) والحديث أخرجه مسلم .
 والخسف هو انشقاق الأرض وابتلاعها الناس ، وهو نوع من أنواع العذاب والنقمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مما رواه الترمذى عن عمران بن الحصين وصححه الالبانى فى السلسلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( فى هذه الأمة خسف ومسخ وقذف ، إذا ظهرت القيان
( المغنيات ) والمعازف وشربت الخمور ))
ولكن الخسف فى هذه الأمة وكذلك القذف لا يكون عاما فقد عصم الله هذه الأمة من ذلك ولكن يكون خسف وقذف ومسخ لجماعات بعينها ، ولذلك فان الله جلت قدرته يتوفى النفوس المؤمنة حتى لا يروا زلزلة الساعة التي يحدث قبلها هذه الخسوف الثلاثة فى المشرق وفى المغرب وفى أرض العرب فقد أخبر الحبيب صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : (( لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس )) والحديث رواه مسلم واحمد عن بن مسعود رضي الله تعالى عنه .
    وروى أحمد ومسلم والترمذي وابن حبان عن أنس رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله ))
 
    وبعد هذه الخسوفات الثلاثة تأتى آخر علامة كبرى وهى عاشر الاشراط وختامها المؤذنة بوشيك ساعة القيام ظهور نار من قعر عدن تسوق الناس إلى ارض المحشر فى الشام تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا وما صح بذلك الخبر عن سيد البشر علية الصلاة والسلام: وآخر الآيات حشر النار كما أتى فى محكم الأخبار من قول سيد الابرار مما رواه مسلم وأحمد عن حذيفة بن أسيد أنه قال أن آخر ذلك : (( نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المجشر تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا ))
    هذا عباد الله ما يعقب تلك الآيات القاهرات ولله الأمر من قبل ومن بعد فهذا أمر الله للدنيا بالزوال والأفول وللكون بالسبر والكبول فينفخ فى السور وتبعث الخلائق من القبور لأهوال يوم النشــور .
        هذا قضاء الله على الخلائق بالفناء ، فجميعنا عما قليل يرحل والحكم للجبار حق مثبت ، وله يكون رجوعنا والموئل ، بلا عمل محسوب وميزان منصوب وكربات مجاز عظيم قادر وكتاب يحصى ولا يغادر ، وكل مؤمل راج ، فياله من يوم هائل عصيب يشتد فيه الهلع فاللهم سلم سلم ...   
     وبعد كل ذلك ألا فاتقوا الله عباد الله واذكروا دوما هذه الأشراط فى كل الأحوال وتقربوا لربكم بصالح الأعمال مادمتم فى متسع من الفسحة والإمهال ولا تركنوا للتكاسل عن التواصي بالبر والخير والإعراض عن التناهي عن المنكر والضير أو التوازع عن الدعوة والهداية أو العزلة واليأس والقنوط والإحباط ، كـلا بل المؤمن مكلف فى كل زمان وحال بالمراماة عن دينه والزيادة عن حريمه فى إبانة وحينه ، والله نسأل أن يوقظنا من الغفلة وأن يتداركنا بالإنابة وبالتوبة مادمنا فى زمن المهلة إنه جواد كريم .
      ولا أنسى أن أذكر أن من المبشرات فى زمن التحديات وفى سياق الحديث عن الأشراط والعلامات أذكر بقول صاحب السنة والسنيات النبى صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان من حديث أبر هريرة رضى الله تعال عنه :
(( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر
يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله ))
تلك هي البشرى أحبائي فى الله النصر على أعداء الله اليهود .
     وبانتهاء الحديث عن علامات وأشراط الساعة نحمد الله أن وفقنا فى بيانها وسردها ونستكمل الحديث فى الحلقة القادمة عن البعث والنشور وموقف العرض على العزيز الغفور .
 
 
  Today, there have been 8685 visitorson this page!  
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free