الحمد لله ولى الأمر والتدبير واليه المرجع والمصير
وأصلى وأسلم على المبعوث رحمة للعاملين
تلك هي الحلقة الثانية نستكمل فيها ما بدأناه في اللقاء السابق من الحديث عن الإيمان ونبدأها بالحديث عن :
((الإيمان بالرسل))
الإيمان برسول الله وكافة ما بعث الله من النبيين فقد قال رب العزة جل شأنه فى سورة التوبة 128 :
((لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ))
وقال كذلك مخاطبا نبيه الكريم :
(( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ))
الأعراف 158
فإذا قال رب العزة ذلك فإنما ذلك يكون أمر إلهي من الله واجب التصديق ويجب على جميع الأمة إتباعه .
وكذلك الرسل يجب الإيمان بهم إجمالا وتفصيلا فنؤمن أن الله سبحانه وتعالى أرسل إلى عباده رسلا منهم مبشرين ومنذرين ودعاة إلى الحق وخاتمهم هو نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه وتعالى النحل 36 : (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ )) وقال كذلك :(( رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )) النساء 165
فنحمد الله أننا نؤمن برسل الله جميعا .
ثم نأتي إلى (( الإيمان بالكتب المنزلة))
فيجب أن يكون الإيمان إجمالا بأن الله سبحانه وتعالى أنزل كتبا على أنبيائه ورسله لبيان حقيقة الدعوة إليه كما قال تعالى:
(( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ
لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ
لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ))
الحديد 25
وقال أيضا :
((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ
وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ ))
البقرة 213
والإيمان بما أرسل الله به الرسل من كتب مبينة للحق والدعوة إليه والتحذير مما يكون مخالفا له دليل على صدق الإيمان قال جل شأنه فى ذلك :
((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ
فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ
فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ))
ثم يأتى بعد ذلك (( الإيمان بالملائكة ))
فيجب الإيمان بأن لله ملائكة خلقهم لطاعته ووصفهم بأنه عباد لله فقال جل وعلا : (( عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ
ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ))
الأنبياء 26 و27 و28
وهم أصناف كثيرة منهم الموكلون بحمل العرش ومنهم خزنة الجنة والنار ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد ومن الملائكة جبريل وميكائيل ومالك خازن النار وإسرافيل الموكل بالنفخ فى الصور وقد جاء ذكرهم فى أحاديث صحيحة ومنها ما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (( خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم ))
أما عن (( الايمان باليوم الآخر))
أما عن الإيمان باليوم الآخر فيدخل فيه الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم مما يكون من سكرات للموت وما يكون بعد الموت كفتنة القبر وعذابه ونعيمه وما يكون يوم القيامة من الأهوال والشدائد والصراط والميزان والحساب والجزاء ونشر الصحف بين الناس ،والإيمان بالحوض المورود لنبينا صلى الله عليه وسلم وشفاعته للخلق والإيمان بالجنة والنار ، ورؤية المؤمنين لربهم سبحانه وتكليمه إياهم وما جاء فى القرآن الكريم والسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجب الإيمان بذلك كله وتصديقه على الوجه الذى بينه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهذا ما سنعرض له في باقي الحلقات تباعا .
وأخيرا يأتي الحديث عن (( الإيمان بالقدر خيره وشره ))
يبقى بعد ذلك أن نعرف معنى الإيمان بالقدر خيره وشره ويتطلب ذلك منا أمور أربعة :
أولها: أن الله سبحانه قد علم ما كان وما يكون ، و علم أحوال عباده وعلم أرزاقهم وآجالهم وأعمالهم وغير ذلك من شؤونهــم لا يخفى عليه مــن ذلك شئ سبحانه وتعالى فهو القائل : ((أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ))
وهو سبحانه القائل أيضا: (( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ
قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا )) المائدة 97
والأمر الثانى : كتابته سبحانه لكل ما قدره وقضاه فقال سبحانه وتعالى :
((قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ))ق 4
وقال كذلك : (( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ
وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ )) يس 12
وقال كذلك أيضا : ((أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ
إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) الحج 70
الأمر الثالث : الإيمان بمشيئته النافذة فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن كما قال جل شأنه : (( إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء )) الحج 18
وقال أيضا : ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ))يس 82
وقال كذلك : (( وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) التكوير 29
أما الأمر الرابع : خلقه سبحانه لجميع الموجودات فلا خالق غيره ولا رب سواه فهو القائل جل شأنه :(اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)الزمر62
وقال أيضا فى سورة : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)
فاطر 3
أحلبتى فى الله إن من هدى الحبيب صلوات الله وسلامه عليه ما رواه مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلــم : (( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون
شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها
إماطة الأذى عن الطريق والحياء
شعبة من الإيمان ))
وللحديث بقية لنتحدث عن الإيمان باليوم الآخر تفصيلا من خلال الحديث عن الدار الآخرة .